لطالما اهتم عالم الاقتصاد بدراسة نماذج ونظريات الاقتصاد التقليدية لتفسير الظواهر الاقتصادية واتخاذ القرارات المالية، ولكن في العقود الأخيرة، ظهر الاقتصاد السلوكي بتحول جذري من ناحية الاهتمام بعوامل السلوك البشري وتأثيراتها على اتخاذ القرارات الاقتصادية من خلال تطبيقات الاقتصاد السلوكي التي تلقي الضوء على هذه الجوانب النفسية والاحتماعية التي تؤثر في سلوك الأفراد وتوجهاتهم الاقتصادية، مستنداً في ذلك إلى تركيز الاقتصاد السلوكي على فهم تفضيلات الأفراد واختياراتهم بشكل أفضل لتوظيفها في مجالات اجتماعية واقتصادية مختلفة.
تقرأ في مقال اليوم الفروقات بين الاقتصاد التقليدي والسلوكي، أهم 10 تطبيقات للسلوك الاقتصادي، وما هي التحديات والفرص التي تواجه هذا العلم الجديد الذي نجح في تحقيق العديد من الآثار على المستوى المجتمعي والحكومي.
كيف يختلف الاقتصاد السلوكي عن النماذج الاقتصادية التقليدية؟
يمثل الاقتصاد السلوكي والنماذج الاقتصادية التقليدية منظورين مختلفين في دراسة الظواهر الاقتصادية. بينما تركز النماذج التقليدية على الافتراضات المنطقية والرياضية لسلوك الإنسان، يهتم الاقتصاد السلوكي بدراسة العوامل النفسية والاجتماعية التي تؤثر في اتخاذ القرارات الاقتصادية.
في هذه الفقرة نستعرض أهم 5 فروقات بين الطريقتين:
1- التركيز العقلاني vs العوامل النفسية والاجتماعية:
بينما يركز الاقتصاد التقليدي على الاعتبارات العقلانية والاستقرار في اتخاذ القرارات الاقتصادية، يؤكد الاقتصاد السلوكي على تأثير العوامل النفسية والاجتماعية مثل التحيزات والعواطف على القرارات المالية.
2- العقلية الفردية vs السلوك الجماعي:
يفترض الاقتصاد التقليدي أن الفرد كائناً عقلانياً يسعى في سلوكياته لتحقيق أقصى فائدة، ولكن الاقتصاد السلوكي -بالمقابل- يبحث في كيفية تأثير العوامل الاجتماعية والمجتمعية في توجيه سلوك الفرد.
3- المعادلات الرياضية vs النظريات النفسية:
يستخدم الاقتصاد التقليدي معادلات رياضية لتمثيل القرارات والتوقعات الاقتصادية. أما الاقتصاد السلوكي فيستند إلى النظريات النفسية والاجتماعية لفهم تفاعل العوامل في اتخاذ القرارات.
4- التصورات المبسطة vs التعقيد الواقعي:
يعتمد الاقتصاد التقليدي على وضع تصورات مبسّطة لسلوك الفرد تجاه القضايا الاقتصادية، في الوقت الذي يتناول فيه الاقتصاد السلوكي تعقيدات السلوك البشري وكيفية تأثير التحيزات والعوامل النفسية في الواقع.
5- التنبؤ vs الاستباقي
يهدف الاقتصاد التقليدي إلى التنبؤ بسلوكيات الأفراد استناداً إلى الاعتبارات الاقتصادية، ولكن الاقتصاد السلوكي فيسعى إلى فهم التنبؤ بالتأثيرات النفسية والاجتماعية الممكنة على سلوك الأفراد وقراراتهم التي يتخذونها.
اطلع أيضاً: أنظريات الاقتصاد السلوكي
تطبيقات الاقتصاد السلوكي في الواقع
بعد خبرتنا الطويلة في نيوفيرستي وتوظيفنا لمفاهيم الاقتصاد السلوكي في مشاريعنا التي نفذناها مع شركائنا عربياً وعالمياً، ننصحك بشدة أن تستثمر في هذا العلم الجديد حتى تحقق ما تسعى إليه، وجميعنا لك في هذه الفقرة أهم 10 تطبيقات عملية لمبادئ الاقتصاد السلوكي لتبدأ منها:
1- تحسين استراتيجيات التسويق:
يمكن توظيف مبادئ الاقتصاد السلوكي في فهم تفضيلات وتحيزات العملاء، وتصميم استراتيجيات تسويقية تستجيب لهذه العوامل، مما يزيد من فعالية حملات التسويق وزيادة معدلات الاستجابة.
2- تحسين تصميم المنتجات:
باستخدام فهم أعمق للعوامل النفسية والاجتماعية التي تؤثر في اتخاذ قرارات الشراء، يمكن تطوير منتجات تلبي حاجات العملاء بشكل أفضل وتوفير تجارب إيجابية.
3- إدارة السعر والتخفيضات:
تستند استراتيجيات التسعير وتخفيضات الأسعار إلى تحليل تفضيلات العملاء وكيفية استجابتهم للعروض المالية المختلفة، مما يساعد في تحقيق أقصى قيمة من الأسعار والتخفيضات.
4- تعزيز الادخار والاستثمار:
من خلال فهم تحيزات التقدير والعوامل النفسية المؤثرة في اتخاذ قرارات الادخار والاستثمار، يمكن تصميم حوافز تحفيزية لتحسين سلوك التوفير واتخاذ قرارات الاستثمار الذكية.
5- إدارة الديون والمالية الشخصية:
يمكن استخدام مفاهيم الاقتصاد السلوكي لفهم ما يؤثر في اتخاذ قرارات الاقتراض وإدارة الديون بشكل أفضل، وتصميم خطط مالية شخصية مستدامة.
6- تحسين اتخاذ القرارات التجارية:
يمكن توظيف مبادئ الاقتصاد السلوكي لتحليل خيارات القرار التجاري وتقدير تأثيرات العوامل النفسية والاجتماعية على تلك القرارات.
7- تطوير سياسات حكومية فعالة:
من أهم تطبيقات الاقتصاد السلوكي إمكانية توظيف مبادئه في وضع سياسات حكومية أكثر فعالية مثل تشجيع السلوك الاقتصادي المستدام أو تحفيز الانخراط في برامج اجتماعية، آخذةً بعين الاعتبار جميع العوامل المؤثرة في قرارات أفراده،
8- تحسين إدارة المخزون والتوريد:
تساعد مفاهيم الاقتصاد السلوكي أيضاً في تحليل كيفية توقّع العملاء الطلب وكيفية اتخاذ القرارات المتعلقة بإدارة المخزون والتوريد بناءً على ذلك.
9- تعزيز التواصل الاجتماعي والتعاون:
يعزز الاقتصاد السلوكي فهم تأثير التفاعلات الاجتماعية في اتخاذ القرارات، يعني ذلك قدرة أكبر على التواصل والتعاون داخل الفرق والمنظمات.
10- تحسين تقديرات المخاطر واتخاذ القرارات الاستثمارية:
اهتمامه بفهم العوامل التي تؤثر في القرارات، يجعل الاقتصاد السلوكي أداة فعالية في فهم كيفية تقدير المخاطر والمكاسب من أجل تحديد أفضل الاستراتيجيات الاستثمارية.
اقرأ أيضاً: الدليل الشامل إلى الاقتصاد السلوكي
التحديات في تطبيق الاقتصاد السلوكي
واجهتنا من خلال مشاريعنا التي نفذنا عدد من التحديات التي جعلت تطبيق هذه المبادئ ليس مهمة سهلة، واحتاجت منا اتخاذ إجراءات معينة للتغلب عليها، ونضيء لك على بعضها حتى تستعد لها مسبقاً
- تعقيد السلوك البشري: ففهم تفضيلات واختيارات الأفراد كان تحدي أساسي بسبب تعقد العوامل النفسية والاجتماعية التي تؤثر فيها.
- التحديات التقنية: تطلب جمع وتحليل البيانات الضخمة المتعلقة بالسلوك الاقتصادي تقنيات متقدمة وتحليلات دقيقة.
- المقاييس والقياسات: لا تستسهل من أمر تحديد مقاييس دقيقة للعوامل النفسية والسلوكية؛ فقد يكون ذلك صعباً ويتطلب تطوير منهجيات موثوقة.
التغلب على العوائق التقنية والتنظيمية:
واستكمالاً للمشكلات التي طرحناها عليك، نقترح بعض الحلول والإجراءات التي يمكنك تطبيقها لتتجاوزها مثل:
- تحسين الجودة والتوجيه البياني للبيانات: ابدأ دوماً بجمع بيانات دقيقة وذات جودة عالية لتوجيه عملية التحليل من أجل اتخاذ القرارات الصحيحة.
- تطوير البنية التحتية التقنية: اعتمد. منذ البداية على أنظمة معلومات متقدمة وأدوات تحليلية لتجميع وتحليل البيانات بكفاءة.
- تعزيز التواصل التنظيمي: احرص على توفي بيئة تشجيعية للتعاون بين مختلف الأقسام والأفراد لتبادل المعرفة والتجارب.
الفرص المستقبلية لتطبيق الاقتصاد السلوكي:
نتمنى ألا يكون بقي لديك شك بشأن أهمية تطبيقات الاقتصاد السلوكي في فتح آفاق واسعة لك! فمرور الوقت يثبت أن توظيف مبادئ ومفاهيم هذا العلم سيتوسع ليشمل مجالات وقطاعات أكثر.
جمعنا لك بعضاً منها حتى لا نترك لك حجة في أنك لم تعرف من أي تبدأ:
- تحسين الخدمات الصحية من خلال تصميم البرامج الصحية والتوعية بالأمراض لزيادة فعالية الرعاية.
- تطوير البيئة المستدامة لتحفيز السلوك المستدام وتشجيع التوجه نحو الممارسات البيئية الإيجابية.
- تحسين القرارات الاقتصادية الحكومية عبر مراعاة السياسات الحكومية للعوامل النفسية والاجتماعية لزيادة تأثيرها الإيجابي.
الأثر المجتمعي والاقتصادي لتطبيق الاقتصاد السلوكي:
يمكن لتطبيق مبادئ الاقتصاد السلوكي أن يحقق أثراً إيجابياً على الجوانب المجتمعية والاقتصادية في المجتمع من خلال:
- تحسين جودة الحياة: لأن فهم تفضيلات الأفراد واحتياجاتهم يساعد في وضع خدمات وسلع تلبي توقعاتهم وتحسن جودة حياتهم.
- تعزيز الاقتصاد المحلي: من خلال توجيه سلوك الاستهلاك والإنفاق بناءً على تفضيلات العملاء، يمكن تحفيز الطلب على المنتجات والخدمات المحلية وتنمية الاقتصاد المحلي.تقليل الهدر وتحسين استدامة الموارد: باستخدام تحليل التفضيلات والسلوك، يمكن تقليل الهدر وتحسين استخدام الموارد، مما يسهم في استدامة المجتمع والبيئة.
اطلع أيضاً التدخلات السلوكية في التعليم
كيف يمكن أن يؤثر الاقتصاد السلوكي في تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والاستدامة في المستقبل؟
رؤيتنا في نيوفيرسيتي هي دوماً رؤية مستقبلية، ونحاول دوماً أن نستقرأ المستقبل لنستعد له مع التغييرات المتسارعة التي تحيذ بنا، ولذلك من الضروري أن نفكر في السؤال التالي: كيف يمكن لتطبيق الاقتصاد السلوكي أن يساهم في تحقيق توازن بين النمو الاقتصادي والاستدامة؟
ونقدم لك إجابتنا مستندين إلى خبرتنا ومتابعتنا المستمرة، نشارك معك توقعاتنا:
- تحقيق توجيه أفضل للاستثمار: بفهم تفضيلات المستهلكين واستجابتهم للمنتجات والخدمات المستدامة، يمكن توجيه استثمارات الشركات نحو الابتكارات المستدامة.
- تطوير السياسات الحكومية المستدامة: استخدام مبادئ الاقتصاد السلوكي في تصميم السياسات الاقتصادية والبيئية يمكن أن يساهم في تحقيق توازن بين النمو والاستدامة.
خدمات نيوفيرستي في الاقتصاد السلوكي والرقمنة
تتنوع طبيعة الخدمات التي نقدمها في نيوفرستي التي تبنت منذ انطلاقتها رؤية عميقة في النظر إلى المستقبل؛ لتشمل خدماتنا:
- تطوير خدمات المؤسسات التعليمية
- تطبيق التدخلات السلوكية
- خدمات التصميم والتطوير والإعداد
- البرامج التدريبية المتخصصة
نيوفرستي أفضل شريك نجاح للمؤسسات والشركات في المنطقة العربية
تتميز نيوفرستي بفريق عمل متخصص وذي خبرة عالية في مجال التدريب، وبالإضافة إلى ذلك، تستخدم أحدث التقنيات لتحقيق أفضل النتائج. وبفضل هذه الخدمات المتميزة، يمكن للمؤسسات والشركات الاعتماد على نيوفرستي كشريك موثوق وفعال في تطوير مهارات موظفيهم وتحسين أدائهم، وتحقيق أهدافهم التعليمية والتدريبية.
وختاماً، تطوير نماذج اقتصادية واجتماعية أكثر واقعية واستجابة للطبيعة البشرية المعقدة أصبح ضرورة؛ ففهم تأثيرات العوامل النفسية والاجتماعية على اتخاذ القرارات يساهم في توجيه السياسات وتصميم البرامج بشكل أكثر تأثيراً وفعالية. بدءاً من تحسين جودة الحياة للأفراد وصولاً إلى الحفاظ على الموارد البيئية وتحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والاستدامة، تتيح تطبيقات الاقتصاد السلوكي لنا فهماً أعمق للتفضيلات البشرية وتوجهاتها وتحسين القرارات التي نتخذها.
مصادر للاطلاع
- Applications Of Behavioral Economics In The Real World
- Behavioral Economics – Definition, Examples, Applications
- Behavioral Economics Guidelines with Applications for Health and Intervention