يمكن لمفاهيم الاقتصاد السلوكي، وتوظيف التدخلات السلوكية في التعليم أن يُعززا من فهم السلوك البشري المعقّد، والتنبؤ به، والتحكُّم فيه، وتطوير سياسة تعليمية أكثر فعالية.
وقد أحدث تطبيق الاقتصاد السلوكي ثورة في قطاع التعليم، فبرز كأداة فعالة لتحسين الأداء التعليمي، وتقديم وجهات نظر جديدة حول استراتيجيات اتخاذ القرار التربوي والعوامل التي تساهم في النتائج التعليمية.
تعريف الاقتصاد السلوكي
الاقتصاد السلوكي هو علم يدرس العلاقة بين علم النفس وعمليات اتخاذ القرار الاقتصادي للأفراد والمؤسسات، ويركز علم الاقتصاد السلوكي على فهم السلوك البشري واستكشاف الأسباب وراء اتخاذ القرارات غير عقلانية التي تنحرف عن التنبؤات المتوقعة.
الاقتصاد السلوكي في التعليم
في مجال التعليم، يلقى تطبيق الاقتصاد السلوكي زخمًا وقبولاً متنامياً باعتباره نهجاً قيّماً لفهم النتائج التعليمية وتحسينها. إذ أن الاقتصاد السلوكي يُمكِّن للمعلمين وصانعي السياسات اكتساب فهم أعمق للعمليات التعليمية والتعلُّمية، وتنفيذ استراتيجيات قائمة على الأدلة لزيادة الفرص التعليمية إلى أقصى حد.
اطلع أيضاً: أساسيات ومبادئ الاقتصاد السلوكي
أهمية الاقتصاد السلوكي في القطاع التعليمي
يعد تطبيق الاقتصاد السلوكي لتحسين التعليم في غاية الأهمية نظراً لقدرته على:
1- فهم عملية صنع القرار
يُمكِّن الاقتصاد السلوكي المعلمين من فهم كيفية اتخاذ المتعلمين قراراتهم من خلال دراسة العوامل المؤثرة في عملية اتخاذ القرار. يعزز ذلك من قدرتهم في الحصول على رؤى حول الاستراتيجيات التي تؤثر بشكل إيجابي على المتعلّمين وتحفُّزهم على بذل المزيد من الجهد في دراستهم.
2- تعزيز السلوكيات الإيجابية لدى المتعلمين
ومن خلال تطبيق مفاهيم الاقتصاد السلوكي في العملية التعليمية، يمكن للمعلمين تنفيذ الاستراتيجيات التعليمية بطرق أكثر نجاحاً وتأثيراً في قلوب المتعلمين تعزز لديهم السلوكيات الأكاديمية المرغوبة أو تساعدهم في الوصول إلى الأهداف التعليمية المطلوب تحقيقها.
3- مناقشة هياكل التحفيز والحوافز
عندما تفهم دوافع المتعلمين لديك، وكيف تتعامل معها، يمكنك تصميم أنظمة مكافآت فعالة وآليات تغذية راجعة واستراتيجيات تحديد الأهداف أفضل مقارنةً بعدم القدرة في فهم هذه الدوافع.
4- التغلّب على تحديات المماطلة وإدارة الوقت
يوفر الاقتصاد السلوكي للمعلمين أساليب لرفع كفاءة العملية التعليمية واستراتيجيات لمعالجة المشكلات والصعوبات التي يواجهها بعض المتعلمين مثل التسويف والالتزام وتحديد المواعيد النهائية وتقسيم المهام. فتعطيك القدرة على تطوير مهارات إدارة الوقت، والانضباط.
5- إبراز تخصيص خبرات التعلًم
يمكن للمعلمين أيضاً -بفضل تقنيات الاقتصاد السلوكي- من مراعاة الفروق الفردية للمتعلمين، وتصميم التدخلات التربوية وفقاً لاحتياجات محددة. ويعني ذلك تصميم تجارب تعليمية تتوافق مع تفضيلات المتعلمين، وقدراتهم، وأنماط تعلمهم، لينتهي المطاف إلى تحسين جودة العملية التعليمية ومخرجات التعلُّم النهائية.
اطلع أيضاً: الديل الشامل إلى الاقتصاد السلوكي
مميزات الاقتصاد السلوكي في التعليم
كون الاقتصاد السلوكي يسعى إلى فهم الدوافع وراء السلوكيات ثم توظيفها لتحقيق أهداف معينة، يجعل من دمجه في العملية التعليمية عاملاً مساعداً لنا كمعلمين، ولا يقتصر الأمر عن ذلك بل فإيجابيات هذا التدخل عديدة ونلخصها بالنقاط التالية:
- فهم دوافع المتعلمين واختيار أساليب المكافأة والعقاب المناسب.
- تحسين تصميم السياسات والخطط التعليمية وكفاءتها في التأثير على المتعلمين.
- تحسين تفاعل المعلمين مع المتعلمين ورفع مستوى الأداء لديهم.
عيوب الاقتصادي السلوكي في التعليم
في المقابل، يبقى للتدخلات السلوكية في العملية التعليمية جانباً مظلماً يؤثر على فعاليته وتطبيقه مثل:
- الحاجة إلى الكثير من البيانات والمعلومات لتحليل سلوك المتعلمين يتطلب جهداً ووقتاً اطول لتطوير النماذج السلوكية.
- الحاجة إلى إجراء تحليلات عميقة ودقيقة للبيانات للوصول إلى تحديد العوامل المؤثرة في سلوك المتعلمين بدقة.
- صعوبة التطبيق العملي للاستراتيجيات الاقتصاد السلوكي وعدم جهوزية المؤسسات التعليمية لمتطلباته.
التدخلات السلوكية في التعليم
يشير مصطلح “التدخلات السلوكية في التعليم” إلى التطبيق العملي المدروس للإجراءات التي تؤدي إلى تحقيق تغييرات إيجابية دائمة في سلوك المتعلمين لإنتاج تحسينات مهمة في سلوكياتهم.
يكون الاعتماد على اكتساب المهارات وتقليل السلوكيات غير المرغوبة عبر تقييم السلوك وتحديد الدافعية وراء هذا السلوك، ثم دراسة العوامل المحيطة بالسلوك من أجل الوصول إلى تحديد الحل المناسب.
اطلع أيضاً: تطبيقات الاقتصاد السلوكي
كيف تؤثر التدخلات السلوكية في عملية التعليم؟
يتجلى تأثير التدخلات السلوكية على عملية التعليم إيجابياً في معظمه، ونلخصها في أبرز هذه التأثيرات:
- رفع درجة الانضباط والتركيز لدى المتعلمين.
- تعزيز العلاقات الاجتماعية بين أطراف العملية التعليمية، وخلق بيئة تعليمية تفاعلية تعاونية.
- تحسين الأداء الأكاديمي للمتعلمين من خلال تطوير مهاراتهم الأكاديمية وتحقيق نتائج أفضل.
- تحسين السلوك الإيجابي لدى المتعلمين داخل البيئة التعليمية وخارجها.
- تقليل السلوك السلبي في الفصول الدراسية كالعنف والتنمر.
مكونات التدخلات السلوكية في عملية التعليم
حتى تتم عملية دمج التدخلات السلوكية في العملية التعليمية بشكل صحيح فمن الضروري أن تنفذ مجموعة من الأمور الأساسية سواء -كنت فرداً أو مؤسسةً-
نلخص هذه الأمور في المكونات التالية:
- تحليل سلوكيات المتعلمين وفهم الأسباب التي أدت إليها بالاعتماد على جمع البيانات وتحليلها.
- وضع أهداف واضحة ومحددة للعملية التعليمية، وتحديد الخطوات اللازم المتعلمين اتخاذها لتحقيق هذه الأهداف.
- تدريب المتعلمين على المهارات الاجتماعية اللازمة للتفاعل مع الآخرين بشكل إيجابي، مثل التواصل والتعاون وحل المشكلات.
- استخدام التعزيز الإيجابي لتعزيز السلوك الإيجابي لدى المتعلمين كإعطاء المكافآت والثناء على الأداء الجيد.
- التدخل المباشر لتغيير السلوكيات السلبية للمتعلمين.
- التعاون مع أولياء الأمور لمراقبة سلوكيات المتعلمين ومتابعتها داخل البيئة الصفية وخارجها..
- تقييم النتائج ومتابعة تقدم المتعلمين من خلال جمع البيانات وتحليلها لتحديد ما إذا كانت التدخلات السلوكية تحقق النتائج المرجوة أم لا.
تحديات التدخلات السلوكية في التعليم
لا بد أنك تواجه تحديات في أثناء محاولتك تطبيق التدخلات السلوكية في عملية التعليم، ولكن لا تقلق ولا سيما أن هذا التوجه ما يزال جديداً في منطقتنا العربية، وما تزال مؤسساتنا التعليمية غير مؤهلة كفاية.
ومن واقع خبرتنا في نيوفيرستي، وامتلاك فريقنا بالمعرفة الأكاديمية ثم العملية، نوجز لك بعض أبرز هذه التحديات:
- تحديد الأسباب الحقيقية للسلوك السلبية مع تعدد الأسباب التي تشكل سلوكيات المتعلمين وتشابكها
- تحديد الأهداف الواقعية القابلة للتطبيق بدقة وبشكل صحيح من أجل العمل على تحقيقها.
- التعاون مع أولياء الأمور من أجل العمل على تحقيق النتائج المثالية لدى المتعلمين وسلوكياتهم، والأمر يتطلب توفير الوقت والجهد الكافيين للتواصل معهم وتقديم المعلومات والتوجيهات اللازمة.
- التدريب المستمر: يجب على المعلمين الحصول على التدريب المستمر في التدخلات السلوكية وتحديث مهاراتهم لتلبية احتياجات المتعلمين.
- التقييم والمتابعة المستمرة لتقدم أداء المتعلمين من خلال جمع البيانات وتحليلها لتحديد ما إذا كانت التدخلات السلوكية تحقق النتائج المرجوة أم لا، وإجراء التعديلات اللازمة في حالة الحاجة إليها.
دور المعلمين في تطبيق التدخلات السلوكية في التعليم
ويبقى السؤال الأهم الآن: ما دورك أنت -كمعلم- في تطبيق هذه التدخلات السلوكية مع متعلميك؟
وبعد شراكاتنا مع العديد من المؤسسات التعليمية في المنطقة العربية بشأن رفع سوية التعليم لديهم من خلال تطبيق الاقتصاد السلوكي في العملية التعليمية، نضع بين يديك أهم هذه الأدوار:
- مراقب سلوكيات المتعلمين: من أجل تحديد السلوكيات السلبية لدى المتعلمين، وتحديد الدوافع الحقيقية لهذه السلوكيات.
- مًطبّق التدخلات السلوكية: من خلال تحديد الإجراءات اللازمة لتحقيق الأهداف المحددة وتطبيقها بشكل فعال، وتوفير الدعم اللازم للمتعلمين وتحفيزهم على السلوك الإيجابي.
- مُنسّق مع أولياء الأمور: من خلال توفير المعلومات والتوجيهات لهم حول كيفية دعم سلوك أبنائهم في المنزل.
- مُقيّم النتائج ومُتابع أداء المتعلمين: من خلال جمع البيانات وتحليلها لتحديد ما إذا كانت التدخلات السلوكية تحقق النتائج المرجوة أم لا، وإجراء التعديلات اللازمة في حالة الحاجة إليها.
- داعم نفسي: للمتعلمين الذين يعانون من مشاكل سلوكية أو نفسية، وتوجيههم إلى المصادر المناسبة للحصول على المساعدة اللازمة.
- مُحفّز: من خلال تحفيز المتعلمين على المشاركة في عملية تعديل سلوكياتهم، واكتساب سلوكيات جديدة، وتشجيعهم على تحمُّل المسؤولية الشخصية في تحسين سلوكياتهم.
خدمات نيوفيرستي في توظيف التدخلات السلوكية في العملية التعليمية
- دراسة العملية التعليمية في المؤسسة لتحديد الثغرات السلوكية التي يمكن تحسينها.
- مساعدة المؤسسات التعليمية على رفع نسب الإكمال للمشاركين في برامجها.
- توظيف تقنيات الاقتصاد السلوكيّ والتفاعل المباشر مع المتعلمين في العمليّة التعليميّة.
- تحسين البرامج التدريبية التي تقدمها المؤسسات التعليمية.
نيوفيرستي الشريك الأمثل للمؤسسات التعليمية في المنطقة العربية
في نوفيرستي لمسنا نقص كفاءة التدريب عبر الإنترنت الذي تعقده معظم المؤسسات التعليمية في العالم العربي وافتقاره إلى الإرشاد والتوجيه اللازم طوال فترة التدريب الذي كان عبارة عن مقاطع فيديو مسجلة غير تفاعلية يتابعها المتعلمون بحسب أوقات فراغهم وظروفهم، وتنتهي معظمها بنسب إكمال منخفضة تصل حتى 5%، وهنا تماماً يأتي دورنا في نيوفيرستي -كمؤسسة تعليمية مختصة في مجال التعليم الإلكتروني- في مساعدة شركائنا وتوظيف التدخلات السلوكية بطريقة مدروسة ترفع من السوية العلمية لديهم، ومن رضا المتعلمين بشأن المخرج التعليمي الذين اكتسبوه في نهاية البرنامج التدريبي.
وختاماً، التطورات والتغييرات الإيجابية التي نسعى له جميعنا يأتي من ضخ الأفكار والمفاهيم الجديدة في العقلية التعليمية التقليدية التي تنتهجها مؤسساتنا لرفع السوية التعليمية وجودة المخرجات التي يكتسبها المتعلمين في نهاية أي برنامج تدريبي. وتطبيق التدخلات السلوكية أحد هذه المفاهيم الجديدة التي تعد بنتائج واعدة مع تأهيل مؤسساتنا التعليمية وكوادرها في منطقتنا العربية. فما هي معرفتك حول هذا المفهوم التعليمي الجديد “التدخلات السلوكية في التعليم”، وهل تتفق أن دمجه في مؤسساتنا التعليمية سيكون عاملاً حيوياً في رفع السوية التعليمية في منطقتنا العربية؟
مراجع للاطلاع
- What Is Behavioral Economics? Theories, Goals, and Applications
- Behavioral economics of education
- The Behavioralist Goes to School: Leveraging Behavioral Economics to Improve Educational Performance∗
- Behavioral Economics of Education: Progress and Possibilities
- BEHAVIORAL ECONOMICS IN EDUCATION MARKET DESIGN: A FORWARD-LOOKING REVIEW
- Behavioral intervention definition
- Behavior Affect Academics for Students?
- The Effects of Positive Behavioral Interventions and Supports for Students with Emotional or Behavioral Disorders