من حكايات الخيال العلمي وصولاً إلى حدود المكان، وماكنا نراه بعيداً أصبح قريب المنال؛ هكذا انفجرت التكنولوجيا المعرفية لتضعك أمام واقع لم تكن لتصدق وجوده لولا أفلام الخيال العلمي. إنها التكنولوجيا ياسادة؛ وماجاءت به من خيال يحاكي تجارب الحياة .ولعل أهمها تقنية الواقع المعزز.
نظراً للتغيرات المتسارعة في تقنيات التعليم سنلقي الضوء اليوم على تقنية الواقع المعزز لتعيش تجربة تعليمية حديثة شيقة وفريدة، تجمع الحقيقة والخيال. فكيف تعمل هذه التقنية، أنواعها، خصائصها ، وسنتحدث أيضاً عن الواقع المعزز في التعليم. أهميته ، تطبيقاته، تحدياته، ونختم بأهم أدواته في التعليم. مارأيك عزيزي القارئ أن نبدأ معاً.
ماهو الواقع المعزز؟
إن الواقع المعززهو تقنية تفاعلية جذابة، تتيح لك إضافة الكائن الافتراضي الذي يناسبك (نصوصاً، أو رسوماً، أو فيديو، أو أصواتاً) أو توليفة مركبة منهم جميعاً على شكل ثلاثي الأبعاد، إلى بيئة حقيقية يضاف لها بعداً رقميًا، مما ينشئ بيئة متحدة تتلاقى فيها العناصر الرقمية والفعلية، مجسدة الأشياء أمامك وكأنها حقيقة.
توسعت هذه التقنية التي كانت مقتصرة على الألعاب الإلكترونية، لتدخل جميع مجالات الحياة: كالطب والهندسة والحاسب وتكنولوجيا التعليم.
يحتاج استخدام تقنية الواقع المعزز إلى أدوات بسيطة مثل: كاميرات الهواتف الذكية، وأجهزة الاستشعار، وغيرها من الأدوات لجمع بيانات من البيئة المحيطة، ثم معالجتها وعرضها بطريقة تفاعلية.
والآن بعد أن تعرفت إلى تقنية الواقع المعزز، تعال معنا لتعرف كيف تعمل!!
اطلع أيضاً: استراتيجيات التدريس وأحدث اتجاهاتها
كيف تعمل تقنية الواقع المعزز؟
من المؤكد أنك تريد أن تعرف أكثر عن آلية عمل تقنية الواقع المعزز لتلحق ركب التطور التكنولوجي، نقدر ذلك !! لذلك؛ تابع معنا السطور التالية.
تعمل تقنية الواقع المعزز من خلال دمج البيانات الرقمية مع البيئة الواقعية في الزمن الحقيقي. هذه العملية تتضمن عدة خطوات وتقنيات رئيسية:
التقاط الصور والبيانات الحسية:
تبدأ تقنية الواقع المعزز بالتقاط الصور باستخدام كاميرا الهاتف الذكي، أو الكاميرا المدمجة في نظارات الواقع المعزز. يمكن أيضاً استخدام أجهزة استشعار أخرى لجمع بيانات حول البيئة، مثل العمق، الإضاءة، والموقع.
معالجة البيانات والتعرف على الأشياء:
تُعالج البيانات التي تم جمعها بواسطة برمجيات متقدمة، لتحليل الصور والتعرف على الأشياء والسطوح في البيئة الحقيقية؛ الأمر الذي يساعد النظام على فهم السياق و المكان الذي سيتم فيه وضع العناصر الرقمية.
تراكب العناصر الرقمية:
بعد تحديد وتحليل البيئة، يراكب النظام الصور الرقمية أو المعلومات على الصور الحقيقية؛ بطريقة تجعل العناصر الرقمية تبدو كأنها جزء من البيئة الطبيعية.
التفاعل في الزمن الحقيقي:
يمكن للمستخدمين التفاعل مع العناصر الرقمية من خلال الأجهزة اللمسية، الحركات، أو الأوامر الصوتية، مما يجعل التجربة أكثر تفاعلية.
المعايرة و التعديل:
يستمر النظام في مراقبة ومعايرة العلاقة بين العناصر الرقمية والبيئة الحقيقية، و يتضمن ذلك ضبط موقع العناصر الرقمية، وحجمها، وتوجيهها بناءً على حركة المستخدم، و التغيرات في البيئة المحيطة، لضمان بقائها متناسقة مع العالم الواقعي.
تقديم المحتوى:
يتم عرض البيئة الحقيقية المعززة بالعناصر الرقمية على شاشة الجهاز، مثل شاشة الهاتف الذكي أو عدسات نظارات الواقع المعزز؛ مما يمكنك من رؤية العالم الواقعي والتعديلات الرقمية معًا.
اطلع أيضاً: فاعلية التعليم الإلكتروني المدمج في المؤسسات التعليمية
أنواع الواقع المعزز
مع التطور التكنولوجي السريع، و دخول تقنية الواقع المعزز إلى العديد من مفاصل الحياة؛ ظهرت أنواع لهذه التقنية تختلف باختلاف الغرض منها.
نذكر لك بعضاً من أنواع الواقع المعزز:
الواقع المعزز المُستند إلى الموقع:
يُستخدم هذا النوع، لتحديد المواقع بالارتباط مع برمجيات أخرى، مثل: نظام التموضع العالمي GPS، وتكنولوجيا التثليث Triangulation Technology التي تقوم مقام الدليل الأول في توجيه المركبات، كالسيارة، والسفينة، أو الفرد إلى النقطة المطلوبة للوصول إليها.
الواقع المعزز المُستند إلى العلامات:
يَستخدم هذا النوع العلامات، أو الرموز (مثل QR codes أو صور خاصة) لتحديد المواقع، وتراكب العناصر الرقمية، عندما تقوم الكاميرا بمسح العلامة؛ يتم تحديد موقع ومقياس العنصر الرقمي بدقة.
الواقع المعزز المُستند إلى التعرف على الأشياء:
يعتمد هذا النوع على التعرف على الأشياء والأشكال في العالم الحقيقي؛ لعرض المحتوى المعزز. يمكن استخدامه في التعليم والتدريب، حيث يتم عرض معلومات أو تعليمات تفاعلية عند التعرف على أدوات أو معدات معينة.
الواقع المعزز التفاعلي:
يتيح هذا النوع للمستخدمين التفاعل مع العناصر الرقمية في الزمن الحقيقي، و يمكن أن يشمل ذلك استخدام الحركة، أو الأوامر الصوتية للتفاعل مع الواقع المعزز، مما يجعل التجربة أكثر إثارة ومتعة.
خصائص الواقع المعزز
وبعد أن تعرفت على أنواع تقنية الواقع المعزز؛ سنلقي الضوء على خصائصه، التي تميزه لتضيفه إلى رصيدك التكنولوجي.
ومن أهم مميزات الواقع المعزز نستعرض منها مايلي:
- المزج بين الحقيقة والعالم الافتراضي في بيئة حقيقية؛ مما يجعله تجربة مثيرة للاهتمام.
- توفير معلومات واضحة قوية ودقيقة.
- خلق بيئة تفاعلية بين الأطراف المستخدمة.
- تخفيض التكاليف
- القدرة على تجاوز القيود المكانية:
- تعزيز التعاون عن بُعد
- تعزيز تجربة التسوق
- زيادة الكفاءة والإنتاجية: في البيئات الصناعية والتجارية،
الواقع المعزز في التعليم
لطالما كان التعليم أحد أبرز المجالات وأكثرها تطوراً عبر السنين الماضية، ولما يراه رواد التعليم من مستقبلٍ مشرق لتقنية الواقع المعزز؛ أصبحت الخطوات واضحة لهذه التقنية في مجال التعليم، وإن كانت خجولة في بعض الدول؛ إلا أن آثارها تبدو واضحة في دول أخرى.
فالبيئة التعليمية بيئة خصبة لتطبيق تقنية الواقع المعزز، حيث يمكن استخدامها لتحويل الكتب الورقية إلى منصات عرض تفاعلية عبر الأجهزة الذكية، فبدلاً من قراءة تاريخ الأهرامات مثلاً، يمكنك عمل شخصية كرتونية فرعونية ثلاثية الأبعاد تروي قصة الأهرامات وتعرض تسجيلات مرئية حية بمجرد توجيه كاميرا الأجهزة الذكية نحو الكتاب، أو قد تُستخدم في دروس تشريح جسم الإنسان عبر رؤية الأعضاء بصورة ثلاثية الأبعاد؛ مما يُسهل الشرح على المعلم ويُكسب الطالب فهم أعمق للدرس.
أهمية الواقع المعزز في التعليم
كما ذكرنا سابقاً تمتاز تقنيات الواقع المعزز بمزايا عدة، أدت إلى بروز أهميتها، وبررت الحاجة إليها في المؤسسات التربوية بشكل خاص ، ويمكن تحديدها في النقاط التالية:
- إثارة دافعية وحماس المتعلمين، حيث تقدم المادة العلمية بطريقة جذابة ومشوقة .
- إمكانية تقديم الخبرات التعليمية من خلال نماذج ثلاثية الأبعاد، حيث يتمكن المتعلم من مشاهدة وتحليل الموضوعات من جوانب مختلفة، مما يعطي فهماً أعمق للموضوعات.
- تقديم خبرات تعليمية تحاكي المادة التعليمية، التي يصعب الوصول إلى مكان تواجد أمثلة عنها،مثل الفضاء، البراكين
- تساعد المتعلم على التعامل مع المواد الخطرة بدون التعرض للأذى، مثل: التفاعلات النووية، التفاعلات الكيميائية.
- تعزيز التعلم التعاوني والتفاعل الاجتماعي بين المتعلمين في نفس البيئة التعليمية، من خلال تحسين البرنامج المحوسب على الهواتف الذكية والمشاركة الفاعلة بين الطلاب في حل المشكلات التعليمية.
- توفير محتوى تعليمي غني، يساعد على فهم المحتوى حيث يرسخ في ذاكرة الطالب بشكل أقوى من ذلك الذي يكتسبه من خلال الوسائل التقليدية.
تطبيقات الواقع المعزز في التعليم
ولعل من أفضل تطبيقات الواقع المعزز التي تعد رائدة في تحويل العملية التعليمية وإثرائها. نقدم لك قائمة ببعض من هذه التطبيقات المتميزة:
Anatomy 4D-1:
يعد تطبيقاً ممتازاً لطلاب الطب والبيولوجيا، حيث يقدم تمثيلات دقيقة ومفصلة لأجزاء الجسم البشري، مما يسهل عملية تعلم التشريح.
Elements 4D-2:
من Daqri, هذا التطبيق يجعل تعلم الكيمياء ممتعًا وتفاعليًا. يمكن للطلاب استكشاف العناصر الكيميائية ورؤية كيف تتفاعل مع بعضها في الواقع المعزز.
Google Expeditions-3:
يوفر هذا التطبيق رحلات افتراضية وتجارب واقع معزز في مواضيع متعددة، مما يسمح للطلاب بالسفر حول العالم واستكشاف بيئات تعليمية مختلفة دون مغادرة الفصل الدراسي.
4- HP Reveal:
.سابقاً كان يطلق عليها (Aurasma)، ووفقاً لهذا التطبيق؛ تقوم بصناعة أي صورة ترغبها سواء جرافيكس، أو ملف نصي، ثم يتم مسحها من خلال الهاتف الذكي، أو أجهزة التابلت اللوحية (نظام IOS أو نظام Android) حتى تتخذ الإجراء او الفعل المطلوب، وقد يكون الإجراء: عرض فيلم، أو عرض شرح إضافي حول معلومة ما، أو فتح نافذة موقع إلكتروني.
5- Wonder Scope:
يقوم هذا التطبيق برواية القصة الرقمية من خلال الواقع المعزز، الذي يحول الأماكن العادية إلى قصص مباشرة تفاعلية.
Star Walk-6:
تطبيق ممتاز لعلم الفلك يسمح للمستخدمين بتوجيه أجهزتهم نحو السماء لتحديد النجوم، الكواكب، والأبراج، مما يوفر تجربة تعليمية غامرة في علم الفلك
تحديات استخدام الواقع المعزز في العملية التعليمية
بالرغم من المزايا العديدة التي تقدمها تقنية الوقع المعزز في التعليم، هناك أيضًا عدة تحديات تواجه استخدامه في العملية التعليمية:
- تكلفة التكنولوجيا: إن تطوير وتنفيذ تطبيقات الواقع المعزز يمكن أن يكون مكلفًا. الحاجة إلى أجهزة متقدمة وبرمجيات متخصصة قد تشكل عائقًا أمام العديد من المؤسسات التعليمية، خاصةً في المناطق ذات الموارد المحدودة.
- البنية التحتية التكنولوجية: لاستخدام الوافع المعزز بفعالية، يحتاج المتعلمون والمعلمون إلى الوصول إلى أجهزة متوافقة واتصال إنترنت سريع وموثوق.
- التدريب والدعم التقني: يحتاج المعلمون إلى التدريب المناسب لدمج تكنولوجيا الواقع المعزز في مناهجهم الدراسية، بالإضافة إلى ذلك، فإن الدعم التقني المستمر ضروري للتأكد من أن الأجهزة والبرمجيات تعمل بشكل صحيح.
- التحديات التربوية والمنهجية: تحديد كيفية دمج تكنولوجيا الواقع المعزز بشكل فعال في المناهج الدراسية يمكن أن يكون صعبًا، ويجب أن يتم تطوير المحتوى بطريقة تعزز التعلم ولا تصرف الانتباه عن الأهداف التعليمية.
- مسائل الخصوصية والأمان: يجب التعامل مع بيانات الطلاب والمعلمين بحذر لضمان الخصوصية والأمان، ويجب أن تكون هناك سياسات واضحة لكيفية جمع واستخدام هذه البيانات.
- التوازن بين التكنولوجيا والتعليم التقليدي: من المهم العثور على توازن بين استخدام الواقع المعزز والأساليب التعليمية التقليدية، وأن لا يحل محل التفاعل البشري والأنشطة العملية الأخرى التي تعد جوهرية للتعلم.
من خلال معالجة هذه التحديات، يمكن تحقيق الاستفادة الكاملة من إمكانيات هذه التقنية في العملية التعليمية، وضمان تجربة تعليمية غنية وفعالة للطلاب.
ما هي أهم أدوات الواقع المعزز في التعليم
تقدم تكنولوجيا الواقع المعززأدوات قوية لتحسين تجربة التعلم وتعزيز الفهم والمشاركة. إليك بعض أدوات الواقع المعزز في مجال التعليم:
- التطبيقات التعليمية للهواتف الذكية والأجهزة اللوحية: توفر تجارب تفاعلية للطلاب من خلال تضمين محتوى رقمي في الوقت الفعلي، وتعزز التفاعل بين الطلاب والمواد التعليمية.
- النظارات الذكية: توفر تجارب ثلاثية الأبعاد وتفاعلية أكثر عمقاً، وتستخدم في مجالات مثل العلوم والتاريخ لتوفير رحلات افتراضية واقعية.
- التطبيقات التفاعلية للواقع المعزز:تمكن الطلاب من التفاعل مع النماذج الثلاثية الأبعاد والرسوم البيانية، وتوفير تجارب واقعية لمفاهيم معقدة.
- منصات التعلم عبر الإنترنت: تعتمد على دمج تقنية الواقع المعزز في منصات التعلم عبر الإنترنت؛ لتحسين تجربة التعلم عن بُعد.
- ألعاب تعليمية بتقنية الواقع المعزز: توفر محتوى تعليمي من خلال ألعاب تعليمية تستخدم تقنية الواقع المعزز لجعل عملية التعلم أكثر متعة وتشويقًا.
في الختام، .تتمتع تقنية الواقع المعزز بالقدرة على تحسين حياتك بطرق لا يمكنك تخيلها بعد، والأمر متروك لك لاستخدامها بطريقة مسؤولة ومفيدة.
الأسئلة الشائعة حول الواقع المعزز في التعليم
ما هو الفرق بين الواقع المعزز و الواقع الافتراضي؟
يمثل كل منهما تجربة مختلفة تمامًا في كيفية التفاعل مع البيئات الرقمية، فكلاهما يقدمان إمكانيات هائلة في التعليم والتدريب، لكن تختلف طرق الاستخدام ،بناءً على الأهداف التعليمية والتجربة المرغوبة. الواقع المعزز يعزز العالم الحقيقي بمعلومات وتجارب افتراضية، بينما يوفر الواقع الافتراضي تجربة كاملة في بيئة افتراضية مغلقة.
ما هي عيوب الواقع المعزز؟
الواقع المعزز يقدم تجارب ممتعة ومثيرة، ومع ذلك، يترافق مع بعض العيوب. يمكن أن يؤدي التفاعل المكثف مع الواقع المعزز إلى تبديد الوقت وتشتت الانتباه، مما يؤثر سلبًا على الإنتاجية. بالإضافة إلى ذلك، قد يسبب الاستخدام المطول مشاكل صحية مثل مشاكل النظر وآلام الرقبة
ما هي نظاره الواقع المعزز؟
الواقع المعزز (AR) هو تقنية تسمح بتراكب العناصر الرقمية في بيئة العالم الحقيقي. في تجربة الواقع المعزز، يمكنك مشاهدة عرض مركب للعناصر المادية أو الحقيقية والعناصر الرقمية. ومع ذلك، لا يوجد تفاعل بين العناصر الرقمية وعناصر العالم المادي. الواقع الافتراضي (VR) هي تقنية تسمح بإنشاء بيئة رقمية غامرة بالكامل.
