في عالمنا المعقد والمتغير، يصبح فهم سلوك الأفراد من الناحية الاقتصادية ضرورةً من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة. وهنا يأتي دور الاقتصاد السلوكي في دراسة العوامل النفسية والاجتماعية باستخدام تقنيات البحث الحديثة والنظريات المتقدمة لفهم الدوافع والتحديات التي تواجه هؤلاء الأفراد في اتخاذ قراراتهم الاقتصادية.
يلقي مقال اليوم الضوء على مفهوم الاقتصاد السلوكي وخصائصه، مع التركيز على أهداف الاقتصاد السلوكي، وأثره على السياسة الاقتصادية
ما هو الاقتصاد السلوكي؟
يُعرّف الاقتصاد السلوكي على أنه فرع حديث النشأة قائم على علم النفس لدراسة عمليات صنع القرار الاقتصادي للأفراد والمؤسسات. بمعنى آخر، يرتبط الاقتصاد السلوكي بعلم النفس والاقتصاد لفهم أسباب اتخاذ الأفراد قراراتٍ غير عقلانيةٍ صعبة التنبؤ بها
اطلع أيضاً: أهمية الاقتصاد السلوكي
خصائص الاقتصاد السلوكي
1- تفسير السلوك البشري
يركز الاقتصاد السلوكي على فهم سلوك الأفراد واتخاذ القرارات بناءً على دراسة العوامل النفسية والاجتماعية المؤثرة.
2- التحيزات السلوكية
يعترف الاقتصاد السلوكي بأن الأفراد هم ضحايا لتحيزات نفسية وشخصية مثل التحيز الزمني أو الاجتماعي أو النفسي في اتخاذ قراراتهم الاقتصادية.
3- الاعتراف بالقيود والتحديات
الاقتصاد السلوكي يسلط الضوء على قيود العقل وتحدياته في عملية صنع القرار الاقتصادي كالتأثيرات النفسية والتوقعات الخاطئة والخسائر المحتملة.
4- التوقعات
يقوم الاقتصاد السلوكي على التنبؤ، وأخذ التوقعات الخاطئة والتحيزات العقلية بيعن الاعتبار عند اتخاذ القرارات الاقتصادية.
اطلع أيضاً: نظريات الاقتصاد السلوكي
أهداف الاقتصاد السلوكي
ولكن حتى مع وجودة هذه الفروقات، وتفوق كفة الاقتصاد السلوكي، يظل السؤال ما هي أهداف وراء هذه النظرية الاقتصادية الحديثة؟ ويمكننا -بناءً على خبرة فريقنا- في نيوفيرستي- تلخيص أهداف الاقتصاد السلوكي في 6 نقاط رئيسية:
1- تحدي الافتراضات التقليدية
يهدف الاقتصاد السلوكي إلى تحدي الافتراضات التقليدية للعقلانية والمصلحة الذاتية السائدة في الاقتصاد التقليدي. مبرراً ذلك بأن الأفراد هم كائنات غير عقلانية ومنطقة، وتقع -غالباً- تحت تأثير عوامل نفسية وقت اتخاذ القرارات دون علمٍ بحدوث ذلك.
2- فهم آلية اتخاذ القرارات
تسعى النظرية الاقتصادية السلوكية إلى فهم جميع العوامل التي تؤثر على عملية اتخاذ القرار من خلال الاستفادة من علم النفس وعلم الاجتماع وعلم الأعصاب لشرح الدوافع الكامنة وراء السلوك البشري وعمليات اتخاذهم للقرارات.
3- وضع استراتيجيات اقتصادية أفضل
يقدم الاقتصاد السلوكي منظوراً جديداً للسلوكيات الاقتصادية للأفراد يوفر فهم أكثر شمولية لكيفية اتخاذ الأفراد والجماعات لقراراتهم، ومدى تأثرهم بالعوامل الخارجية المحيطة بهم، للوصول في النهاية إلى تحسين النماذج الاقتصادية الحالية أو وضع خطط اقتصادية أكثر دقة.
4- دراسة المغالطات العقلانية
يركز الاقتصاد السلوكي على دراسة المغالطات العقلانية وأثرها في صنع القرار الاقتصادي. فيدرس كيف تنحرف قرارات الأفراد عن تلك التي تنبأت بها النظرية الاقتصادية الكلاسيكية، ويبني عليها منظور جديد أكثر واقعية للسلوك الاقتصادي.
5- تحسين القدرة التنبؤية
أحد أهداف علم الاقتصاد السلوكي تحسين القدرة التنبؤية للنماذج الاقتصادية عن طريق دمج الرؤى النفسية ودراسة تحيزات صنع القرار بما يعزز دقة التنبؤات في المسائل والقضايا الاقتصادية.
6- تطوير عمليات البحث في المجال الاقتصادي
يهدف الاقتصاد السلوكي إلى تعزيز النظرية الاقتصادية من خلال الدمج بين نظريات علم النفس وعلم الأعصاب ونظرية الاقتصاد الجزئي ليعزز من فعالية البحوث الاقتصادية في تفسير سلوكيات الأفراد الاقتصادية.
7- معالجة التحيزات واللاعقلانية
يدرك علم الاقتصاد السلوكي بأن الأفراد يخضعون للتحيزات المعرفية؛ ولذلك فغالباً ما يتخذون قراراتٍ غير عقلانية، وفي ضوء هذه المعرفة يساعد الاقتصاد السلوكي في تخفيف تأثير هذه التحيزات، والتشجيع على اتخاذ قرارات أفضل.
8- تعزيز رفاهية الأفراد
يهدف تطبيق الاقتصاد السلوكي في مناحي الحياة المختلفة إلى تحسين رفاهية الأفراد من خلال مراعاة العوامل النفسية وتأطير المعلومات، أو تقديم الحوافز بطريقةٍ معينةٍ لتشجيع الأفراد على تبنّي سلوكياتٍ صحيةٍ أو اتخاذ قراراتٍ ماليةٍ أكثر حكمة.
اطلع أيضاً: الدليل الشامل إلى الاقتصاد السلوكي
خدمات نيوفيرستي في توظيف الاقتصاد السلوكي
ونتيجة لكوننا مؤسسة تعليمية -بالدرجة الأولى- فيعنينا توظيف الاقتصاد السلوكي والتدخلات السلوكية في العملية التعليمية بهدف رفع السوية التعليمية وجودة المخرجات التي يحصل عليها المتعلم من خلال مساعدة المؤسسات التعليمية في:
- دراسة الوضع الراهن للمؤسسات التعليمية، وتحليل السوق التنافسي الموجودة فيه.
- دراسة العملية التعليمية في المؤسسة لتحديد الثغرات السلوكية التي يمكن تحسينها.
- مساعدة المؤسسات التعليمية على رفع نسب الإكمال للمشاركين في برامجها.
- توظيف تقنيات الاقتصاد السلوكيّ والتفاعل المباشر مع المتعلمين في العمليّة التعليميّة.
نيوفيرستي الداعم الحقيقي للمؤسسات والشركات في الوطن العربي
ندرك في نيوفيرسيتي أهمية توظيف الاقتصاد السلوكي في رفع جودة أداء المؤسسات والشركات؛ ولذلك نسعى باهتمام إلى رفع درجة الوعي بهذا العلم الحديث لدى شركائنا في منطقتنا العربية وتوفير الدعم والمساعدة اللازمة لهم من خلال التدريبات أو البرامج المناسبة لتأهيل كوادرهم على كيفية دمج مفاهيمه وتوطيفها في بيئة العمل والتعاملات داخل المؤسسة وخارجها.
في الختام ، حتى نفهم السلوك البشري بشكل صحيح، نحتاج إلى توظيف الاقتصاد السلوكي في دراسة وفهم التوقعات الخاطئة والتحيزات العقلية في اتخاذ القرارات المختلفة، وهذا يتطلب مزيداً من الأبحاث والدراسات في هذا المجال بما يمكننا من تحسين السياسات الاقتصادية وتحقيق التوازن والاستقرار الاقتصادي والمساهمة في بناء مجتمعٍ أفضل. فهل تجد أن الاقتصاد السلوكي هو حل فعال في تحقيق هذه الأهداف؟ وما هي برأيك أشكال دمج هذا العلم وتوظيفه حتى نحقق النتائج التي نسعى إليها؟
مصادر للاطلاع
- What Is Behavioral Economics? Theories, Goals, and Applications
- How is Behavioral Economics Different From Classical Economics?
- Behavioral Economics v. Traditional Econmics: What is the Difference
- What Is Behavioral Economics? Theories, Goals, and Applications
- Behavioral Economics
- BEHAVIORAL ECONOMICS To appear in Elsevier’s Handbook of the Philosophy of Science, Vol. 5
- Behavioural Economics and Public Policy