يكتسب الاقتصاد السلوكي اهتمامً بالغاً في عالم الاقتصاد لكونه يتمحور حول دراسة سلوكيات الأفراد والجماعات، وكيفية اتخاذهم لقراراتهم، متجاوزاً النظرية التقليدية القائمة على الافتراضات مثل العقلانية التامة.
في هذا الدليل، نستكشف أساسيات الاقتصاد السلوكي وأهميته في فهم سلوك الأفراد وتوجيه السياسات الاقتصادية، وأيضاً أهدافه وتطبيقاته، مع تسليط الضوء على دوره في قطاع التعليم ونظرياته، وأهم المراجع والكتب التي تناولت هذا المحال.
نشأة وتطور الاقتصاد السلوكي
الاقتصاد السلوكي علم قديم، ولكن ظهوره الحديث يعود إلى العالمين كانمان وتفيرسكي، ظهر علم النفس الاقتصادي في القرن العشرين في أعمال غابرييل تاراد، وجورج كاتونا ولازلو غاراي اعتُبر فرعاً من الاقتصاد الحديث الذي يركز على الاقتصاد بمتغيرات غير عقلانية تؤثر على قرارات الأفراد والمجتمعات. يهتم علماء الاقتصاد السلوكي بدراسة العوامل النفسية التي تؤثر على قراراتنا من دراسة سيكولوجيا الأفراد والأشناص بغرض تحليل القرارات وتجريبها.
مبادئ الاقتصاد السلوكي
يرتكر الاقتصاد السلوكي على مبادئ جميعها تدور حول العوامل النفسية والاجتماعية وأي عوامل أخرى تؤثر في السلوكيات والقرارات التي يتخذها الأفراد والمجتمعات. من هذه المبادئ:
- فهم كيفية ارتكاب الناس للأخطاء.
- دمج فهم علماء النفس للسلوك البشري في التحليل الاقتصادي.
- تعزيز الاختيار العقلاني.
- ستخدام تأثير التأطير.
- استخدام تأثير الشرك.
اطلع أيضاً: مبادئ وأساسيات الاقتصاد السلوكي
أهداف الاقتصاد السلوكي
يركز الاقتصاد السلوكي على فهم العوامل النفسية التي تؤثر على صنع القرارات الاقتصادية والمالية، وتحسين هذه القرارات من خلال تغيير السلوك وتعزيز الاختيار العقلاني.يهدف الاقتصاد السلوكي إلى:
- تعزيز الاختيار العقلاني
- فهم السلوك الحقيقي للأفراد.
- تتحسين نتائج الأفراد والمؤسسات عبر تعديل سلوكياتهم.
- تحليل القرارات الاقتصادية والمالية التي يتخذها الأفراد والمؤسسات
- فهم العوامل النفسية التي تؤثر على صنع القرار الاقتصادي.
اقرأ أيضاً: أهداف الاقتصاد السلوكي
أهمية الاقتصاد السلوكي
يعتبر الاقتصاد السلوكي ركيزةً أساسيةً في فهم سلوك الفرد وتحليل قراراته الاقتصادية بناءً على دراسة تأثير العوامل النفسية على صنع القرار الاقتصادي بين الأفراد والمؤسسات. ويساعد هذا العلم في تفسير أسباب اتخاذ المستثمرين لجميع قراراته المتعلقة بالإستثمار والتداول في أسواق المال.، وفهم نفسية العملاء بالشكل الصحيح لتحقيق مبيعات ضخمة.
يعد الاقتصاد السلوكي مهمًا لأنه يساعد على فهم السلوك الإنساني وتحليل القرارات الاقتصادية بشكل أفضل، ويمكن تطبيقه في العديد من المجالات لتحقيق النجاح والازدهار.
اقرأ أيضاً: أهمية الاقتصاد السلوكي
نظريات الاقتصاد السلوكي
يقدم الاقتصاد السلوكي عدة نطريات في فهم سلوكيات الأفراد ساهمت في تفسير سلوك الأفراد في السوق وتوفير نظرة أعمق في كيفية اتخاذهم للقرارات الاقتصادية. من هذه النظريات:
- نظرية التوقعات المحدودة: تشير إلى أن الأفراد يقومون بجمع معلومات محدودة لاتخاذ قراراتهم، مما يجعل توقعاتهم لا تتسم بالدقة.
- نظرية الانفجارات الاقتصادية: تشير هذه النظرية إلى أن هناك تجمعاً للسلوكيات الجماعية تؤدي في بعض الأحيان إلى انفجارات اقتصادية، حيث يتبع الأفراد بعضهم البعض ويزيدون من استهلاكهم أو استثمارهم دون مراعاة كافية للمعلومات المتاحة.
- نظرية الرفاهية النسبية: ترتكز هذه النظرية على فكرة أن الأفراد يقومون بتقييم رفاهيتهم بناءً على مقارنتهم مع الآخرين وليس بناءً على مستوى الدخل أو الثروة الفعلي.
- نظرية العقلانية المحدودة: تقترح هذه النظرية أن الأفراد قد يكونون عرضة لاتخاذ قرارات غير عقلانية نتيجة لقيود عقلية مثل الاختصارات العقلية وعدم القدرة على معالجة معلومات كبيرة في وقت واحد.
- نظرية السلوك النفسي: تركز هذه النظرية على أثر العوامل النفسية والعواطف في عمليات اتخاذ القرارات الاقتصادية، حيث يمكن للعواطف أن تؤثر على سلوك الأفراد بشكل غير متوقع.
اقرأ أيضاً: نظريات الاقتصاد السلوكي
تطبيقات الاقتصاد السلوكي
تتعدد التطبيقات العملية لنظريات الاقتصاد السلوكي في مختلف المجالات وبعضها:
- التسويق والإعلان: يمكن استخدام نظريات الاقتصاد السلوكي لفهم كيفية استجابة العملاء للإعلانات والحملات التسويقية. على سبيل المثال، يمكن لنظرية الرفاهية النسبية أن تفسر لماذا يميل العملاء إلى شراء منتجات لتحسين مكانتهم الاجتماعية.
- الادخار واتخاذ القرارات المالية: تلعب نظريات التوقعات المحدودة دورًا في فهم سلوك الأفراد عند اتخاذ قرارات مالية مثل الادخار والاستثمار. تلك النظريات تساعد في تفسير لماذا يمكن أن يكون لدينا تقديرات غير دقيقة للمخاطر المالية.
- السلوك الاستهلاكي: يمكن استخدام نظريات الاقتصاد السلوكي لفهم أنماط استهلاك الأفراد، وكيف يمكن أن تؤثر العوامل النفسية والعاطفية في اختيارهم للمنتجات والخدمات.
- تصميم السياسات الاقتصادية: يمكن لنظريات الاقتصاد السلوكي أن تساعد في توجيه تصميم السياسات الاقتصادية بطريقة تأخذ في الاعتبار سلوك الأفراد وتفضيلاتهم. مثلاً، فهم كيفية تأثير العقلانية المحدودة يمكن أن يساعد في تحسين تصميم السياسات الضريبية.
- تحسين القرارات الصحية والسلوكية: يمكن استخدام هذه النظريات في مجالات مثل تعزيز السلوك الصحي واتخاذ قرارات أفضل بشأن التغذية وممارسة الرياضة، من خلال فهم كيفية تحفيز الأفراد على تبني سلوكيات صحية.
اقرأ أيضاً تطبيقات الاقتصاد السلوكي: استدامة وتحسين النمط الاقتصادي
الاقتصاد السلوكي في التعليم
يلعب الاقتصاد السلوكي دورًا مهمًا في تحسين نظام التعليم وفهم سلوك المتعلمين، فمن خلال تطبيق مفاهيم الاقتصاد السلوكي، يمكن تحسين تصميم السياسات التعليمية وتعزيز النتائج الإيجابية في مجال التعليم مثل:
- اختيار التعليم والاستثمار في التعليم: يمكن لنظريات الاقتصاد السلوكي المساعدة في فهم العوامل التي تؤثر في اختيار الأفراد لنوع التعليم ومدى استثمارهم في التعليم، بما في ذلك تقدير العائدات المستقبلية.
- تحفيز المعلمين والمتعلمين: يمكن استخدام مبادئ الاقتصاد السلوكي لتحفيز المتعلمبن على تحقيق أداء أفضل من خلال تصميم نظم تحفيز تعتمد على مكافآت وعواطف. كما يمكن تحليل سلوك المعلمين والعوامل التي تؤثر في تحفيزهم لتحسين جودة التدريس.
- اتخاذ القرارات في المسار الوظيفي: تساعد مفاهيم الاقتصاد السلوكي في تحليل عوامل اتخاذ المتعلمين والخريجين قراراتهم بشأن اختيار مسارات وظيفية، بما في ذلك العوامل المالية والتوقعات الشخصية.
- تصميم سياسات تحفيز الدراسة والتعلم: من خلال فهم العوامل النفسية والاجتماعية التي تؤثر في الدراسة والتعلم، يمكن تصميم سياسات تشجيعية تعتمد على التحفيز وتعزز من الالتزام بالتعليم.
- تطوير التعليم عبر التكنولوجيا: يمكن للأبحاث في الاقتصاد السلوكي تسليط الضوء على كيفية استخدام التكنولوجيا في تعزيز العملية التعليمية من خلال تحفيز الطلاب وتقديم تجارب تعلم أكثر إثراءً.
اقرأ أيضاً: التدخلات السلوكية في رفع السوية التعليمية
أهم الدراسات والأبحاث في الاقتصاد السلوكي عربياً وعالمياً
تعتبر الدراسات والكتب في مجال الاقتصاد السلوكي جزءًاً أساسياً في تطوير هذا المجال المتنامي؛ فهي مصدر هام لفهم تفاصيل ومعقدات سلوك الأفراد في سياق القرارات الاقتصادية. إذ تُسلِّط الكتب والأبحاث الضوء على التفاعلات النفسية والاجتماعية التي تؤثر في اتخاذ القرارات المالية والاقتصادية.
من بين هذه الكتب البارزة، يمكننا ذكر “سيكولوجية الاقتصاد” لدانيال كانيمان وأموس تفيرسكي الذي تُسلِّط الضوء على السلوكيات المعقدة للأفراد في المواقف المالية. كما تأتي كتب مثل “النفس الاقتصادية: دراسة في الإمكانات والحدود للتصرف الاقتصادي” لريتشارد تالر و”تأثير نفسيات الجماعة على السوق والأسعار” لروبرت شيلدينيك بمكانة بارزة في مجال البحث في السلوك الاقتصادي.
تتنوع موضوعات الدراسات والكتب في هذا المجال ما بين الانحيازات الإدراكية، وعلم النفس الاقتصادي، وسلوك الاستهلاك، وتصميم السياسات السلوكية، وغيرها الكثير. يسهم هذا التنوع في توفير رؤى غنية وتحليلات دقيقة لفهم القوى والعوامل التي تشكل تصرفاتنا الاقتصادية.
ختاماً، يقدم الاقتصاد السلوكي رؤية متكاملة للسلوك البشري داخل سياق الاقتصاد. من خلال تسليط الضوء على المحفزات والعوامل النفسية والاجتماعية التي تؤثر على قراراتنا المالية. وباعتباره أداة قوية لتوجيه السياسات الاقتصادية، يمكن للاقتصاد السلوكي أن يسهم في خلق بيئة أكثر تفهماً للسوق وأكثر عدالة اجتماعية.
اقرأ أيضاً: أفضل كتب الاقتصاد السلوكي باللغتين العربية والإنجليزية
أسئلة شائعة:
كيف يختلف الاقتصاد السلوكي عن الاقتصاد التقليدي؟
يركز الاقتصاد السلوكي على فهم سلوك الأفراد وعواملهم النفسية في اتخاذ القرارات الاقتصادية، بينما الاقتصاد التقليدي يعتمد على افتراضات عقلانية واستنتاجات منها.
ما هي الانحيازات الإدراكية وكيف تؤثر على اتخاذ القرارات؟
الانحيازات السلوكية هي ميل الأفراد نحو اتخاذ قرارات مبنية على تقديرات غير دقيقة بسبب قيود عقلية. مثل الانحياز التأكيد، حيث يميل الأفراد إلى البحث عن معلومات تؤكد آرائهم
هل يمكن تقديم أمثلة عن التدخلات السلوكية التي أثمرت نتائج إيجابية؟
تعد إشعارات تذكيرية لتحفيز الأفراد على الالتزام بممارسات صحية، مثل تلقي لقاحات. أو استخدام “نذكركم بأنكم تتجاوزون المعدل الوطني” لتحفيز تقليل استهلاك الكهرباء أمثلة عملية على هذه التدخلات.
كيف يستخدم الشركات الاقتصاد السلوكي لتعزيز استراتيجيات التسويق؟
تستخدم الشركات تقنيات الاقتصاد السلوكي مثل “النداء إلى الندم” لزيادة المشتريات، أو تحفيز العملاء على البقاء بمنح خصومات للبقاء مع الشركة.
كيف يمكن تطبيق الاقتصاد السلوكي في السياسات العامة لتحقيق نتائج أفضل؟
يمكن استخدام الاقتصاد السلوكي في تصميم سياسات الضرائب والإنفاق العام لتحفيز السلوكيات المرغوبة، مثل تشجيع التوفير أو التحفيز على الاستخدام المستدام للموارد.