حقق الذكاء الاصطناعي AI تطوراتٍ سريعةً في السنوات الأخيرة، دون أن يُعفى قطاع التعليم من تأثيره. وأحد أكثر الأسئلة إثارةً للجدل هو ما إذا كان يمكن للروبوتات التعليمية أن تحلّ محل المعلمين. ففي حين يجادل البعض أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يُحدث ثورةً في التعليم، يخشى آخرون على جودة التعليم بسببه.
نناقش في هذا المقال الميزات التي تجعل الذكاء الاصطناعي AI بديل للمعلمين والمدربين رغم تحديات استخدامه في التعليم، وكيف يمكن أن نحقق التوازن بينه وبين الدور البشري؟
لماذا يمكن أن يكون AI بديل للمعلمين والمدربين؟
حتى الآن، من الصعب ترجيح احتمالية أن تحل الروبوتات الاصطناعية محل المعلمين بصورة كاملة رغم حقيقة قدرته على إحداث تحول جذري في الصناعة التعليمية. ولكن يبقى الباب مفتوحاً، وتخوف العاملين في هذا القطاع مبرراً مع الميزات العديدة للذكاء الاصطناعي وتنعكس إيجاباً على العمل التعليمي وتشمل:
1- الفعالية
ينجح الذكاء الاصطناعي بالإنابة عن المعلمين في إنجاز العديد من المهام مثل:
- تقديم مراجعات ونصائح دقيقةٍ للمتعلمين تساعدهم في التغلب على نقاط ضعفهم في عملية التعلم وبالتالي النجاح في دراستهم. وفي هذا السياق جاء البرنامج المدعوم بتقنيات الذكاء الاصطناعي لمساعدة المتعلمين في تعلمهم للغة الإنجليزية ل باحثٍ في جامعة ستانفورد الذي استخدم فيه بيانات أداء 1170 طفلاً في أوغندا، تمكّن من التنبؤ بالصعوبات التي قد يواجهها هؤلاء الطلاب وتقديم حلولٍ مناسبة.
- توفير مساعدةٍ شخصيةٍ وتوجيهٍ للطلاب من خلال روبوتات الدردشة الآلية المدعومة بالذكاء الاصطناعي. فعلى سبيل المثال نفذت جامعة Murcia في إسبانيا دردشةٍ آليةٍ مدعومةٍ بالذكاء الاصطناعي لمساعدة المتعلمين في الاستفسارات حول البرامج الأكاديمية، وخلصت إلى نجاح الدردشة بإعطاء الإجابة الدقيقة بنسبة تزيد على 91% لأكثر من 38,708 سؤال.
- تحسين درجات المتعلمين نتيجة توفير تعليم متكيفٍ وتعليقاتٍ شخصيةٍ فردية لكل متعلم. النتيجة التي أكدتها دراسة لشركة Knewton تبيّن فيها تحسن درجات المتعلمين الذين استخدموا برنامج متعلم متكيف مدعوم بالذكاء الاصطناعي بنسبة 62٪ مقارنةً بنظرائهم ممن لم يستخدموا البرنامج.
2- الاستجابة السريعة لاحتياجات المتعلمين
تمثّل قدرة الذكاء الاصطناعي على تلبية الاحتياجات والمتطلبات التعليمية للمتعلمين بصورة فردية ثورةً هامةً في مجال التعليم؛ ويتحقق ذلك من خلال:
- تحليل أداء المتعلمين واستخلاص أنماطٍ من هذه البيانات؛ لاستخدام هذه البيانات في تنفيذ تحسينات في عملية التعلم وتطوير مهارات المتعلمين.
- توفير دعمٍ فرديٍّ للمتعلمين في الوقت الحقيقي لعملية التعلُّم عبر تفاعل النّظام معهم من خلال واجهاتٍ تفاعليةٍ كالدردشة الآلية لتقديم توجيهاتٍ وإجاباتٍ على استفساراتهم.
- تحسين عملية التقييم وتوفير تقارير شاملةٍ للمسؤولين التعليميين. من خلال تقنيات التحليل لتقديم معلوماتٍ مفصّلةٍ حول أداء المتعلمين، وتعديل استراتيجيات التدريس بناءً عليها.
3- القدرة على التعامل مع البيانات الضخمة وتحليلها
يتفوق الذكاء الاصطناعي على البشر في قدرته على معالجة البيانات الضخمة ثم تحليلها، ويعني ذلك تحقيق تحوّلٍ كبيرٍ في هذا القطاع يتم على النحو التالي:
- تحليل البيانات الضخمة المتعلّقة بأداء المتعلمين باستخدام الخوارزميات المتقدمة لاستخلاص أنماط وتحليل البيانات، مما يساعد في تحديد احتياجات الطلاب الفردية وتوفير تجربة تعلّمٍ مخصصّة.
- تحليل أنماط سلوك المتعلمين وتوفير توصياتٍ تعليميةٍ شخصيةٍ. عبر مراقبة تفاعلاتهم مع المواد والأنشطة التعليمية، وبالتالي معرفة الأساليب الفعّالة وتوجيه المتعلمين نحو الموارد المناسبة.
- تحليل البيانات لتحديد التحديات التعليمية التي يواجهها المتعلمون لتكييف استراتيجيات التدريس وتوفير التدخلات التعليمية اللازمة لتحقيق تحسينٍ مستمرٍ في تجربة التعلّم للمتعلمين.
اطلع أيضاً: التعليم الرقمي بعد ChatGPT
القيود والتحديات في استخدام التكنولوجيا في التعليم
يأتي استخدام التكنولوجيا في التعليم مع بعض التحديات من أهمها:
1- الأخلاقية والاجتماعية
فالحذر والوعي مطلوبين عند استخدام التكنولوجيا في البيئة التعليمية بشأن خصوصيات المتعلمين وبياناتهم الشخصية، وتوفير تكافؤ الفرص بين المتعلمين في الاستفادة من هذه التكنولوجيا وتحقيق التوازن في استخدامها، وتوعية المتعلمين على استخدام التكنولوجيا بصورة مسؤولة وأخلاقية وليس لأغراض غير شرعية، والأهم من ذلك تحقيق التوازن بين استخدامها والتواصل المباشر بين المعلم والمتعلمين وبين المتعلمين أنفسهم.
2- التحديات التقنية والتكنولوجية
أما الصعوبات في الناحية التقنية والتكنولوجية فلا تقل أهمية، وهي تحدي حقيقي يشتمل توفير البنية التحتية وأجهزة الاتصال وشبكة الإنترنت بسرعة عالية وثابتة، والقدرة على التغطية المالية التكاليف والنفقات المرتبطة بتينّي التكنولوجيا الحديثة، وأيضاً تأمين الإعداد الكافي للمعلمين للتعامل مع نظام تعليمي مدعوم بتقنيات الذكاء الاصطناعي، وإكسابهم مهاراتٍ رقميةٍ جديدةٍ وأخرى إداريةٍ لإدارة الموارد البشرية والذكاء الاصطناعي بشكلٍ فعّالٍ.
كيف نحقق التوازن بين دور الذكاء الاصطناعي والدور البشري؟
في حين أن زيادة الأتمتة وتسريع إنجاز المهام بالذكاء الاصطناعي أمرٌ مرحبٌ به ، إلّا أنه من الضروري التركيز على الاستثمار في الموارد البشرية.وتحقيق التوازن بينهما، ومن أجل ذلك، نقترح 5 استراتيجيات لمسنا -من تواجدنا في هذا المجال لسنوات- فعاليتها وأثرها الإيجابي في تحقيق هذا التوازن:
1- تحديد الأدوار والمسؤوليات
من المهم تحديد أدوار ومسؤوليات أنظمة الذكاء الاصطناعي والمعلمين البشريين بوضوح. إذ يجب النظر إلى الذكاء الاصطناعي على أنه أداةٌ لدعم وزيادة عمل المعلمين بدلاً من استبدالهم. مع التركيز على أهمية بناء المدرسين لعلاقاتٍ مع المتعلمين، وتوجيههم بشكل فردي.
2- التأكيد على اللمسة الإنسانية
على الرغم من أن الذكاء الاصطناعي يوفر تجارباً تعليميةً شخصيةً، فلا يمكن أن تُغني عن الأثر الإنساني في التعليم. فالقدرة على التعاطف وفهم الاحتياجات والتحديات لكل متعلم يبقى قيمة مضافة للمعلمين لا يستطيع الذكاء الاصطناعي تقديمها
3- تحسين طرائق التعليم
يمكن الاستثمار في الوقت الذي يوفره استخدام الذكاء الاصطناعي في أتمتة المهام الإدارية وتحليل البيانات وتقديم الأفكار في التركيز على التصميم التعليمي للحقائب التعليمية بتقنيات الذكاء الاصطناعي التي نفذنا في نيوفيرسيتي عدد كبير منها، وخلق خبرات تعلّمٍ جذابة، وتقديم الدعم والتوجيه الفردي للمتعلمين.
4- توفير التطوير المهني والتدريب لدمج الذكاء الاصطناعي في التعليم
يحتاج المعلمون إلى أن يكونوا مجهّزين بالمهارات الرقمية والمعرفة اللازمة من خلال توفير برامج التطوير والتدريب المهني المرتكزة على تقنيات الذكاء الاصطناعي، أو تقديم برامج مهنية احترافية كالتي نقدمها في نيوفيرسيتي في مجال الذكاء الاصطناعي كمثال، والأساليب التربوية التي تساعدهم على اتخاذ قراراتٍ مستنيرةٍ حول كيفية استخدام هذه التقنيات
5- مراقبة وتقييم تأثير الذكاء الاصطناعي
لو طُبّقت الاستراتيجيات السابقة دون المراقبة والتقييم للتأثيرات والأداء الذي حققته أدوات الذكاء الاصطناعي في نتائج المتعلمين وسير العملية التعليمية، فلن يكن للعمل نتيجة تُذكر، فالتقييم والمتابعة المستمرة يساعد في إجراء تعديلاتٍ وتحسينٍ لممارساتهم التعليمية والتربوية.
اطلع أيضاً: التمكين الرقمي في قطاع التعليم والتدريب
خدمات نيوفيرسيتي في خدمات الذكاء الاصطناعي في قطاع التعليم
- تدريب الفريق وتطوير مهارات الإشراف والقيادة والمتابعة الرقمية.
- توظيف أدوات الذكاء الاصطناعي في العملية التعليمية والتدريبية.
- رفع إنتاجية الفرق ضمن المؤسسات التعليمية، ودمجهم مع عملية التحول الرقمي.
- الشهادة المهنية الاحترافية في الذكاء الاصطناعيّ ورقمنة الأعمال
نيوفيرسيتي الشريك الأمثل للمؤسسات التعليمية في الوطن العربي
نفخر في نيوفيرسيتي أن شراكاتنا الناجحة جاءت حصيلة اهتمامنا بتقديم أعلى درجات الاحترافية لشركائنا مستندين إلى دراسة الوضع الراهن للمؤسسة التعليمية، وتحليل السوق التنافسي الموجودة فيه، وطبيعة العملية التعليمية في المؤسسة لتحديد الثغرات السلوكية التي يمكن تحسينها، ثم تقديم المساعدة في رفع نسب الإكمال للمشاركين في برامجها مستعينين بتوظيف تقنيات الاقتصاد السلوكيّ والتفاعل المباشر مع المتعلمين في العمليّة التعليميّة.
وختاماً، على الرغم من أن الذكاء الاصطناعي يوفّر بعض الفوائد في التعليم، إلّا أنه لم يرتقِ بعد لدرجة استبداله بالمعلمين البشريين، وسيظل -ولو على المدى المنظور- مساعداً للمعلمين. وأنت عزيزي القارئ، كيف ترى هذا الاحتمال بأن يكون الذكاء الاصطناعي بديل للمعلم، وأنت ماذا تفعل حتى لا تقع ضحية هذا التخوف؟ شاركنا رأيك في التعليقات، يسعدنا إثراء النقاش في هذا الموضوع الهام.
مصادر للاطلاع
- https://axonpark.com/how-effective-is-ai-in-education-10-case-studies-and-examples/
- https://iite.unesco.org/wp-content/uploads/2020/11/Steven_Duggan_AI-in-Education_2020.pdf
- https://datafloq.com/read/5-ways-ai-big-data-revolutionizing-education/
- https://study.com/blog/ethical-issues-with-using-technology-in-the-classroom.html
- https://iopscience.iop.org/article/10.1088/1742-6596/1175/1/012160/pdf