من النزعة الطبيعية لدى الأطفال الصغار للفضول والاستكشاف. تبدأ معالم مهارات التفكير بالوضوح لديهم؛ بدءاً من ملاحظة مايحدث في العالم من حولهم، وأسئلتهم التي لا تنتهي عن ماهية الأشياء، و إجابتنا عليها التي تمثل عنصرا أساسيا في تطوير مهارات التفكير لديهم؛ تأتي دور رياض الأطفال لتكمل المهمة بطرق علمية و مدروسة.
وبما أن أطفال اليوم هم قادة الغد؛ ونظرا لأهمية هذه المرحلة العمرية التي تُكوّن الرؤية المستقبلية لما سيكون عليه الطفل بما يتمتع مميزات فطرية ومكتسبة. نقدم مقال اليوم مسلطين الضوء فيه على مهارات التفكير لدى الأطفال وأهمية تنميتها لدى الأطفال، خصائص و أنواع التفكير لديهم، أشهر الطرق لتنميتها، لنختم المقال بدور رياض الأطفال في تنمية هذه المهارات . لنبدأ بالقراءة معاً.
تعريف مهارة التفكير
في الواقع لا يمكن إعطاء وصف أو تعريف مجرد لمهارات التفكير كونها من المهارات غير الملموسة. لكن يمكن تعريفها على أنها العمليات العقلية التي تستخدم لفهم تجربة ما. تمكن مهارات التفكير من دمج كل تجربة جديدة في المخطط حول “كيفية سير الأمور”. ومن الواضح أن التفكير الأفضل سيساعد على تعلم المزيد من التجارب والاستفادة بشكل أفضل من الذكاء الفطري، و تحسين جودة التفكير في التعلم و الحياة للمجتمع.
اطلع على دمج مهارات التفكير في المناهج الدراسية: تحوّل في التعليم
الأهمية والهدف من تنمية مهارات التفكير لدى الأطفال
إذا نظرت إلى التعلم كنتيجة للتفكير؛ فمن الأهمية بمكان إتاحة الفرصة للأطفال و دعمهم لاستكشاف أفكارهم وتفكيرهم أثناء تجربة التعلم؛ مما يمكنهم من فهم عملية التفكير الخاصة بهم، تحقيق نمو شامل و صحيح، و تجهيزهم بالأدوات اللازمة لمواجهة التحديات في حياتهم اليومية وفي المستقبل. إليك بعض الأهميات والأهداف الرئيسية لتنمية مهارات التفكير لدى الأطفال:
- تحسين مهارات حل المشكلات بالتفكير النقدي والذي يعتبر أساساً في القدرة على تحليل المواقف واستنتاج النتائج المنطقية.
- تعزيز التخيل الذي يحفز التفكير الإبداعي ويطور القدرة على إيجاد حلول جديدة وفكر غير تقليدي.
- تنمية القدرة على اتخاذ القرارات السليمة بتوفير مساحة حوار منطقية و تقييم الخيارات المتاحة واختيار أفضلها.
- تطوير مهارات الاتصال و القدرة على التعبير بوضوح بشكل منطقي، وفهم وجهات النظر الأخرى.
- تحفيز الفهم العميق من خلال ربط المعلومات وتحليلها بشكل شامل.
- تعزيز الاستقلالية في التفكير واتخاذ القرارات الذاتية والمسؤولية عن القرارات والأفعال.
- تنمية الثقة بالنفس والاعتماد على القدرات الشخصية لتحفيز الاكتشاف الذاتي والتعرف على نقاط القوة والضعف.
- تحسين الأداء الأكاديمي من خلال زيادة تركيز الطفل وقدرته على التعلم بفعالية.
خصائص التفكير عند الأطفال
إن من يدرس مستوى النمو العقلي للأطفال الصغار؛ قد يضيع في فهم السمات المميزة لعالم الطفل العقلي؛ فيعده قطعاً ممزقة أو نتفاً مفككة. والواقع أن لعالم الطفل العقلي تنظيمه الفريد ومنظوماته المتميزة عن نظيرتها لدى الراشد. وليس الراشد بغريب عن هذا العالم إذ أنه كثيراً ما ينكص إلى أنماط التفكير الذاتية المميزة للطفل والتي يمكن توصيفها بالخصائص المميزة التالية :
السببية الظاهرية
ووفقها يفترض الطفل أن ثمة علاقة سببية بين الأشياء التي تحدث معاً. فقد يخاف الطفل ويحدث أن يختبئ خلف غطائه؛ فيتوصل إلى الاعتقاد بأن الغطاء قد حماه من الأذى، لذلك و ما أن يشعر الطفل بالخوف مرات أخرى حتى يركض يختبئ خلف الغطاء.
الإحيائية
وهي نزعة تقوم على الاعتقاد بأن الأشياء الجامدة حية. ذلك لأن الطفل يُنمّط العالم المادي من حوله في إطار تجربته؛ إذ أنه عندما يشعر بالألم والحرارة والبرد، فإنه يفترض أن الحجارة والأشجار تتألم وتشعر أيضاً بالحر والبرد. ومن مظاهر التفكير الإحيائي الاعتقاد بأن المشاعر مادية بالمعنى نفسه الذي يكون فيه اللون مادياً.
الغرضية
إذ يعتقد الصغار أن كل شيء في العالم صنعه الإنسان لهم، ويجب أن تفهم كلمة الطفل الأزلية ( لماذا ) في هذا الإطار. وبالتالي أن توفر الإجابات الملائمة لأسئلة الطفل بحيث يفهمها وتبقى على جانب من الحقيقة. ونذكر كمثال عن ما سبق أن الشمس وجدت لتدفئنا، وتختفي الفراشات في الأعشاب كي لا تأكلها العصافير.
اطلع على استراتيجيات التدريس الحديثة في برامج رياض الأطفال
أنواع التفكير عند الأطفال
عندما نتحدث عن أنواع ومهارات التفكير لدى الأطفال، يجب أن تأخذ في اعتبارك أن الأطفال الصغار يختلفون في قدراتهم العقلية والتفكيرية بناءً على عوامل عديدة مثل العمر والتجارب الحياتية والبيئة التي يعيشون فيها؛ لكن في المراحل المتقدمة من الطفولة والمراهقة، يزداد التركيز على التفكير النقدي والقدرة على تقييم الأفكار والمفاهيم بشكل منطقي. ومن بعض هذه الأنواع نذكر:
التفكير الحسي والحركي
يعتمد الأطفال الصغار في المراحل المبكرة من حياتهم بشكل رئيسي على حواسهم الحسية وحركاتهم لاستكشاف العالم من حولهم. و يعتبر الاستكشاف الحسي والحركي وسيلة هامة لفهم الأشياء والتعلم.
التفكير التمثيلي
مع تقدم العمر، يبدأ الأطفال في تطوير القدرة على التفكير التمثيلي، حيث يمكنهم تخيل الأشياء والأحداث التي لا تكون حاضرة أمامهم. مما يسهم في تطوير مهاراتهم الإبداعية والتفكير الابتكاري.
التفكير اللغوي
مع اكتساب اللغة، يبدأ الأطفال في استخدامها كوسيلة للتفكير والتعبير عن أفكارهم؛ فيتعلمون كيفية استخدام الكلمات وتكوين الجمل للتعبير عن رؤاهم واحتياجاتهم.
التفكير الاجتماعي
مع تفاعل الأطفال مع بيئتهم الاجتماعية، تبدأ قدرات التفكير الاجتماعي بالتطور لديهم، مثل فهم المشاعر والاحتياجات الاجتماعية للآخرين، وتطوير مهارات التعاون والتفاعل الاجتماعي.
أشهر 10 طرق لتنمية مهارات التفكير عند الأطفال
تعتبر تنمية مهارات التفكير لدى الأطفال أمرًا أساسيًا لتعزيز تطويرهم الشامل. ونقدم لكم فيما يلي عشر طرق فعّالة لتعزيز تنمية مهارات التفكير لدى الأطفال:
- شجع الطفل على طرح الأسئلة واستكشف فضولهم؛ وهذا بدوره يساعد في تنمية مهارات التفكير النقدي والاستكشافية.
- وفر الألعاب المحفزة للتفكير الإبداعي والمنطقي والتي تسهم في تطوير المهارات العقلية للأطفال.
- حفز الطفل على القراءة التي تعزز التفكير اللغوي والتمثيلي. و يفضل تقديم مجموعة متنوعة من الكتب التي تناسب مستوى عمر الطفل.
- حفز خيالهم الفني مثل فنون التعبير، الرسم والنحت، والتي تساعد في تطوير مهارات التفكير الإبداعي والتمثيلي.
- عزز التجربة العلمية من خلال تقديم فرص للتجارب العلمية البسيطة مما يعزز التفكير العلمي والاستكشافي.
- طور مهارة حل المشكلات بتوفير مشكلات صغيرة لحلها مما يسهم في تطوير مهارات التفكير اللوجي والاستدلالي.
- عزز التفكير النقدي من خلال طرح أسئلة حول الأفكار والمفاهيم.
- قم بإجراء محادثات تحفز الأطفال على التفكير العميق وتعزز قدراتهم اللغوية والتحليلية.
- طور مهارات التفكير الاجتماعي لديهم من خلال تشجيع التفاعل مع الآخرين الذي يسهم في تنمية مهارات التفكير الاجتماعي والتعاون.
- حفزهم على التفكير خارج الصندوق وتطوير مهارات الابتكار من خلال الأنشطة الإبداعية.
دور رياض الأطفال في تنمية مهارات التفكير للأطفال
تلعب دور رياض الأطفال دورًا حيويًا في تنمية مهارات التفكير لدى الأطفال في مراحلهم الأولى من الحياة. إليك نستعرض دوررياض الأطفال في هذا السياق:
توفير بيئة تعليمية محفزة
تهدف رياض الأطفال إلى توفير بيئة تعليمية تشجع على الاستكشاف والتفاعل. يتمثل دورها في توفير موارد تعليمية تحفز الأطفال على استخدام مختلف أنماط التفكير.
تطوير مهارات التفكير الرياضي
من خلال الأنشطة والألعاب التي تشمل المفاهيم الرياضية، تسهم رياض الأطفال في تنمية مهارات التفكير الرياضي، مما يعزز القدرة على حل المشكلات.
تعزيز التفكير الإبداعي
تشجع الأنشطة الفنية والإبداعية في رياض الأطفال على تطوير التفكير الإبداعي والتمثيلي، مما يساهم في تنمية خيالهم وقدرتهم على التعبير.
تشجيع التعاون والتفاعل الاجتماعي
تسهم رياض الأطفال في تطوير مهارات التفكير الاجتماعي من خلال توفير فرص للتفاعل مع الأطفال الآخرين، مما يعزز قدرتهم على فهم ومشاركة الآخرين.
تطوير مهارات اللغة
تشجع المناهج الحديثة والإثرائية على استخدام اللغة كوسيلة للتعبير والتفاعل، مما يسهم في تنمية مهارات التفكير اللغوي لدى الأطفال.
تحفيز الاستكشاف والتجربة
توفر رياض الأطفال فرص للأطفال للاستكشاف والتجربة، سواء كان ذلك من خلال الألعاب أو الأنشطة العلمية، مما يعزز التفكير البحثي والاستكشافي.
تحفيز التفكير النقدي
تساعد رياض الأطفال في تطوير قدرات الطفل على التفكير النقدي من خلال طرح أسئلة استكشافية تشجع على التفكير بشكل منطقي وتحليلي.
تقديم تحديات ملهمة
يقوم معلمو رياض الأطفال بتقديم تحديات تنمي مهارات الطفل مما يعزز تفكيره وقدرته على التحدي.
متابعة التقدم والتطور الفردي
تلعب رياض الأطفال دورًا في متابعة تقدم كل طفل على حدة وفقًا لاحتياجاته وقدراته، مما يعزز تنمية مهارات التفكير لدى الأطفال بشكل فعال.
خاتمة
تُختم رحلة تنمية مهارات التفكير لدى الأطفال بفرح الاكتشاف والتعلم. بألوان الفضول ولحظات التفاعل الإبداعي، يتألق الطفل بقدراته العقلية. إن رحى الطفولة ترسم مستقبلًا ملونًا، حيث ينمو التفكير إلى جانب أحلامهم، مُحملين بالإمكانيات والتفاؤل لمواجهة تحديات الغد.
الأسئلة الشائعة حول إكساب الطفل مهارة التفكير
ما هي برامج تنمية المهارات؟
هي مبادرات تربوية تستهدف تطوير مجموعة متنوعة من المهارات لدى الفرد، سواء كانت مهارات علمية، رياضية، فنية أو اجتماعية. تلك البرامج تهدف إلى تعزيز التعلم الشامل وبناء قدرات الفرد في مختلف المجالات، ساهمت بشكل كبير في تحسين الأداء وتعزيز التنمية الشخصية والاجتماعية.
كيف يمكن تنمية التفكير المستدام لأطفال الروضة؟
يمكن تحقيق تنمية مهارات التفكير لدى الأطفال المستدامة عبر تضمين مفاهيم الاستدامة في الأنشطة اليومية، مثل إدراج مبادئ الحفاظ على البيئة واستخدام الموارد بشكل مسؤول. تعزيز الوعي بأهمية الاستدامة من خلال قصص تعليمية وألعاب تفاعلية يشجع على تكوين قيم مستدامة لدى الأطفال. تشجيع التفاعل مع الطبيعة ومشاركتهم في نشاطات توفير الطاقة والحفاظ على النظافة تسهم في بناء تفكير مستدام في مرحلة الروضة.
كيف تجعل الطفل يفكر؟
لتعزيز وتنمية مهارات التفكير لدى الأطفال، يُشجع على الاستكشاف والفضول، وتوفير الألعاب والأنشطة التي تحفز التفكير، مع التحفيز المستمر للتفكير النقدي والتحليلي. يتم دعم التعبير عن الأفكار بوسيلة لغوية مناسبة للطفل، ما يُسهم في تطوير قدراته التفكيرية بشكل متكامل.
كيف أعلم طفلي مهارات التفكير؟
لتعليم طفلك مهارات التفكير، يمكنك تشجيعه على حل المشكلات وطرح الأسئلة. قدم له أنشطة تحفز التفكير الإبداعي، وتوفير بيئة داعمة للتعبير عن أفكاره بوسائل لغوية مناسبة. كما يُفضل توجيه المحادثات بشكل فعّال لتعزيز التفاعل وتنمية مهارات النقاش والتحليل.
